الصـــليب ... حل المعضلة الدهرية !!!
![]() |
الصـــليب ... حل المعضلة الدهرية |
إن ما حدث في جنة عدن منذ أكثر من ستة آلاف عام ، لا يمكن ان يمر مرور الكرام علي كل من له ضميرٍ حساس ، فهناك مخلوق عاصي وساقط استطاع أن يُقنع مخلوق أخر بأن يُشاركه عصيانه ومن ثم سقوطه ، هناك الشيطان أقنع الأنسان أن يكسر وصية الله ويأكل من الشجرة المحرمة .
لقد كانت وصية الله واضحة " يوم تأكل منها موتا تموت" (تكوين 2 : 17) ، لكن الأنسان كسر وصية الله ، تعدي علي كلمة الذات الإلهية ، صدق الشيطان وكذّب الله ، تصرف بإرادته الذاتية مُستقلاً عن الله الذي خلقه ، فأستحق الأنسان حكم الموت ، موتأً أدبياً بالأنفصال عن الله والطرد من الجنة ، وموتاً جسدياً بأنفصال الروح والنفس عن الجسد عند مدي زمني محدد ، وموتاً ابدياً بالطرح في جهنم النار إلي الأبد ، إلي ما لا نهاية !!!
كُلنا أخطأنا ، كُلنا كسرنا وصايا الله ، كُلنا تعدينا علي الذات الإلهية ، كُلنا تصرفنا بإرادتنا الذاتية مستقلين عن الله ، كُلنا صدقنا الشيطان وكُلنا كذبنا الله ، فلم يُوجد بيننا من لم يفعل خطية قط ، لذلك وجب علينا الموت جميعاً ، الموت بأبعاده الثلاثة .
هذا الموت الثلاثي هو عقاب الخطية المستحق وليس اقل من ذلك ، لأن الخطية موجهة لله الغير محدود ، والذي الخطأ في حقه غير محدود ، ويستحق عقاب غير محدود .
ولكن الله رحيم بل هو أرحم الراحمين ويمكنه أن يعفو عن الأنسان الذي خلقه وأحبه وصوره في أحسن تقويم ، ولكن من جهة أخري نجد أن الله عادل بل هو أعدل العادلين ، وهو يطبق العدل ليس لأن عليه رقيب ، ولكن لأن صفة العدل أصيلة فيه – جل جلاله – كما أن صفات الله مطلقة أي لا يمكن أن تطغي صفة علي الأخري ، فلا الرحمة تطغي علي العدل ولا العدل يطغي علي الرحمة .
إذاً أمامنا معضلة الدهر ، المشكلة التي لا مثيل لها في كل الزمان ، أمامنا بأضلاعها الثلاثة :
الضلع الأول : عقاب الخطية هو الطرح في جهنم النار إلي الأبد .
الضلع الثاني : الله رحيم ويجب أن يعفو عن الأنسان .
الضلع الثالث : الله عادل ويجب أن يُطبق العقاب علي الأنسان .
قدم الله فكرة الحل لهذه المعضلة في نماذج عديدة في الأزمنة القديمة ، ولكن أوضح نموذج هو ذلك ، عندما طلب من أبونا أبراهيم أن يأخذ أسحق ويُقدمه قربان لله ، وقبل أن يذبح أبونا أبراهيم أبنه أسحق ألهمه الله إلي خروف وقال له أن يستبدل أبنه أسحق بالخروف ، فماذا كان الدرس المُستفاد من هذه القصة ؟ ولماذا قال له الله أن يُقدم ابنه أولاً ثم يستبدله بخروف ؟ لماذا لم يقل من البداية أن يقدم خروف ؟؟
لقد كان الله ببساطة يريد أن يُمهد عقول البشر لقبول فكرة البدلية ، أي أن شخص ينوب عن الأخر أو عن الأخرين ليفديهم .
وهذا ما تحقق فيما بعد ، ففي الوقت المناسب ، منذ ألفي عام تقريباً ، أتخذ الله لنفسه جسداً ، وهو الذي يستطيع كل شيء ، وجاء إلي الأرض في شخص المسيح ليكون بديلاً عن البشر ويحمل عنهم العقاب ، وقد كان هو البديل المناسب ، فهو إنسان بكل ما تحمله الكلمة من معني لذلك يستطيع أن يُمثل البشر وينوب عنهم ، وفي ذات الوقت هو الله بكل ما تحمله الكلمة من معني وبالتالي قيمة دمه غير محدودة فيستطيع التكفير عن كل البشر ، كما أن روحه ملكه فكان حُراً في إرادته ، علاوة علي أن ميلاده العذراوي ضمن خلوه من الخطية فلم يرث ما ورثناه من أدم .
وعلي الصليب ، في ثلاث ساعات الظلمة ، تحمل المسيح جرعة مُركزة من الجحيم ، تحمل فيها عقاب كل ما أقترفه البشر من خطايا ، ولم يكن ليتحمل كل ذلك إلا لأنه الله متجسداً ، هذا ما جعل جسده يتحمل قصاص الخطية من يد العدل الإلهي ، وقبل أن يُسلم روحه الطاهرة قال كلمته الخالدة (قد أُكمل) فقد تحمل عقاب الخطايا كاملاً ، وضمن الخلاص لكل من يؤمن به ويثق في عمله علي الصليب .
لقد تم حل المُعضلة بنجاح ، فالله عاقب الأنسان علي الخطايا في شخص المسيح البديل ، ورحم الأنسان بأن دبر له بديل .
عزيزي :
إن المعضلة حق ، وحل المعضلة بالصليب حق !!
فإن تجاهلت المعضلة فأنت تدفن رأسك في الرمال !!
وإن تجاهلت حل المعضلة بالصليب فأنت تدفن جسدك كله ونفسك وروحك ، إلي الأبد ، في جهنم النار !!!
لتحميل الكتاب المقدس اضغط هنا
بقلم الأخ / ماجد صبحي