recent
الاخبار

القديس يوسابيوس القيصري أبو التاريخ الكنسي

المؤرخ يوسابيوس أسقف قيصرية فلسطين 
القديس يوسابيوس القيصري
القديس يوسابيوس القيصري

القديس يوسابيوس القيصري يُعد من أبرز الشخصيات في تاريخ المسيحية المبكرة. لُقب بـ "أبو التاريخ الكنسي" او " 
مؤرخ المسيحية " بفضل إسهاماته الفريدة في توثيق تاريخ الكنيسة فى القرون الاولى من ظهور المسيحية ،  ومؤسس فكرة نشر أقوال الآباء .إضافةً إلى دوره اللافت في دراسة الكتاب المقدس والدفاع عن الإيمان المسيحي وايضا اقتباساته من اقوال الاباء . كان لكتاباته تأثير عميق على الكنيسة في عصره وما بعده، مما جعله حجر زاوية في دراسة تاريخ المسيحية . وذلك بالرغم من اتجاهاته شبه الأريوسية، وبعض الأخطاء التاريخية.

النشأة والحياة المبكرة

وُلد القديس يوسابيوس في قيصرية بفلسطين حوالي عام 260 ميلاديًا. لم يُعرف الكثير عن حياته المبكرة، ولكن  نشأ في بيئة مسيحية متعلمة. ارتبط بعلاقة وثيقة مع بامفيلوس، وهو أحد العلماء المسيحيين البارزين في ذلك الوقت، الذي لعب دورًا كبيرًا في تكوينه الفكري والروحي. يوسابيوس القيصر سجل لنا كتابا عن " التاريخ الكنسي " قدم لنا فيه قائمة باهم الكتاب المسيحين وكتاباتهم .

إسهاماته في الدراسات الكتابية

كان يوسابيوس مهتمًا بشكل خاص بجمع وتحليل النصوص الكتابية. عمل بجد مع بامفيلوس على تجميع مكتبة واسعة في قيصرية تحتوي على مخطوطات كتابية ونصوص آبائية، والتي أصبحت واحدة من أغنى المكتبات في العالم القديم. كما ألف "التوافق بين الأناجيل"، وهو عمل ساعد المؤمنين على فهم العلاقة بين الأناجيل الأربعة. 

الأعمال التاريخية

1) التاريخ The Chronicle

 من بين أعماله الأولى، عمله الذي يُسمًّى دومًا "التاريخ"، وقد كُتب حوالى 303 م. وتكون من قسمين:

القسم الأول:

 وهو في الواقع مقدمة يسرد فيها أهم الأحداث التاريخية في كل أمة.

القسم الثاني:

 عبارة عن جداول تاريخية Xpovlkol Kavoveo مرتبة وفقًا لتوافق الأحداث وتزامنها معًا Synchronisation ومعها ملاحظات عن أهم أحداث تاريخ العالم بصفة عامة والتاريخ المقدس بصفة خاصة، واتخذ يوسابيوس من تاريخ ميلاد إبراهيم أبو الآباء {سنة 2.16 – 2.15 ق.م} نقطة بدايته، ثم قسم التاريخ إلى خمس حقب متتبعًا تواريخ الكتاب المقدس حتى صلب المسيح حتى سنة 303 م، بالمقارنة مع تواريخ العالم السياسية.

وقد فُقد النص اليوناني الأصلي لهذا العمل "التاريخ" عدا بعض الشذرات والمقتطفات، لكنه حُفظ كله في ترجمة أرمنية من القرن السادس، وهناك ترجمة لاتينية للقسم الثاني قام بها جيروم سنة 380 في القسطنطينية، وقد أضاف جيروم لهذا العمل عددًا كبيرًا من الفصول عن التاريخ الروماني خاصة، أضاف أيضًا تأريخ للفترة ما بين كتابة العمل وحتى أيامه هو، في ما بين عام 325 وعام 378 م. أي تاريخ وفاة فالنس Valens في هذا الشكل الذي قدمه جيروم، وصل كتاب "التاريخ" الغرب كان له تأثيره على مؤرخي القرون الوسطى، فهو أحد المصادر الأساسية التي يعتمد عليها أي باحث في تاريخ البشرية.

تاريخ الكنيسة

 2 ) "تاريخ الكنيسة" (Ecclesiastical History)، أشهر أعمال يوسابيوس هو كتابه الذي يُعتبر أول محاولة شاملة لتوثيق تاريخ المسيحية من بداياتها حتى عصره. التاريخ الكنسي  وهو العمل الذي أعطاه شهرة خالدة. يتكون من عشر كتب، تمثل مجموعة غنية جدًا من الوثائق ومقتطفات من الكتابات الخاصة بالكنيسة الأولى. لم يهدف يوسابيوس إلى تقديم تاريخ لنمو الكنيسة وإنما كان يهدف نحو إبراز الفكر المسيحي، وتحدى المؤمنين للألم والموت، وانتصار الحق على الباطل.يتكون الكتاب من عشرة مجلدات ويغطي الأحداث الرئيسية مثل حياة المسيح، تأسيس الكنيسة، الاضطهادات الرومانية، والمجامع الكنسية.

المنهجية: استخدم يوسابيوس منهجًا نقديًا ودقيقًا في جمع المعلومات من مصادر موثوقة مثل الرسائل، الشهادات، والمخطوطات.الأهمية: يُعد هذا العمل مصدرًا رئيسيًا لفهم تطور المسيحية في القرون الأولى.

دوره في مجمع نيقية

لعب يوسابيوس دورًا محوريًا في مجمع نيقية الأول عام 325 ميلاديًا. كان مدافعًا قويًا عن الإيمان المسيحي ضد البدعة الآريوسية التي أنكرت ألوهية المسيح. رغم بعض الانتقادات لأسلوبه اللاهوتي، وقد وَقَّع على قانون الإيمان النيقوي لإرضاء الإمبراطور. لكنه لم يستخدم في كتاباته عقيدة الهوموأوسيوس (الهومو أوسيوس) Homoousios، أي مساواة الآب والابن في الجوهر، ..إلا أن حضوره كان مؤثرًا في صياغة "قانون الإيمان النيقوى".

الكتابات الدفاعية

إلى جانب كتابه التاريخي ( تاريخ الكنيسة ) كتب يوسابيوس العديد من الأعمال الدفاعية التي هدفت إلى مواجهة الانتقادات الموجهة للمسيحية. من أبرز هذه الأعمال:

1. "البرهان الإنجيلي" (Demonstratio Evangelica): تفسير شامل لنبوات العهد القديم التي تحققت في المسيح.
2. "التحضير الإنجيلي" (Praeparatio Evangelica): تحليل للديانات والفلسفات الوثنية ومقارنتها بالإيمان المسيحي.

فكره اللاهوتي

تأثر يوسابيوس بفلسفة فيلو الإسكندري والمدرسة الأفلاطونية، مما انعكس في كتاباته اللاهوتية. كان مهتمًا بالجمع بين الإيمان والعقل، مما جعله رائدًا في مجال الدفاع العقلي عن المسيحية.

تأثيره على الكنيسة

أثر يوسابيوس على الفكر المسيحي والكنسي من خلال:
. كتبه ومكتبته: ساهمت مكتبة قيصرية في تعليم العديد من العلماء المسيحيين.
. نقل التراث: حفظ العديد من النصوص القديمة التي كانت ستضيع لولا جهوده.
.القدوة العلمية: قدم نموذجًا للعالم المسيحي المتواضع الذي يدمج بين التقوى والبحث العلمي.

الانتقادات والمراجعات

رغم إسهاماته العظيمة، تعرض يوسابيوس لبعض الانتقادات، أبرزها:
1. الدفاع عن الإمبراطور قسطنطين: اتهمه البعض بالمبالغة في تمجيد قسطنطين.
2. الحياد التاريخي: اعتبر البعض أن عمله التاريخي يفتقر أحيانًا إلى الموضوعية.

وفاته وإرثه
توفي القديس يوسابيوس حوالي عام 340 ميلاديًا. بقيت أعماله خالدة، وأصبحت مصدر إلهام للعديد من المؤرخين واللاهوتيين عبر العصور.

الخاتمة

يُعد القديس يوسابيوس القيصري شخصية لا غنى عنها لفهم تاريخ المسيحية المبكرة. إسهاماته الفكرية والروحية لا تزال تُدرس حتى اليوم، مما يجعله مثالًا للعالم المؤمن الذي كرّس حياته لخدمة الكنيسة ونقل تراثها للأجيال القادمة.

امين

( 1 ) تحميل كتاب تاريخ الكنيسة – يوسابيوس القيصري اضغط هنا

( 2 ) تحميل كتاب حياة قسطنطين العظيم  – يوسابيوس القيصري اضغط هنا






author-img
موقع الفكر المسيحى

تعليقات

ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق
    google-playkhamsatmostaqltradent