recent
الاخبار

الشريعة في العهد القديم

مقدمة هامة 

الشريعة في العهد القديم
 الشريعة في العهد القديم

قبل أن ندخل إلى البحث الرئيسي ، يجب أن ننظر نظرة سريعة عامة على التشريعات في الشرق الأدنى القديم  :

" ليس هناك ما يسمى بالطبيعة البشرية الثابتة التي لا تتغير للرجل أو المرأة، لقد وجد أن الطبائع البشرية ظواهر نسبية متغيرة على الدوام مع تغير المجتمع، والبيئة والثقافة، وظروف الحياة. فطبيعة الرجل البداني في العصر الحجري مثلا، تختلف عن طبيعة الرجل اليوم... فالشخصية الإنسانية في تفاعل مستمر مع القيم الثقافية والإجتماعية السائدة، وهي تتغير من مجتمع إلى مجتمع ومن زمن إلى زمن... إن عقل الإنسان يتطور مع الزمن وتتطور معه شخصیته و قیمه الإنسانية... ومن الخطأ أن نقارن بين حضارتين أو تشريعين يوجد بينهما فرق زمني كبير كانت دكتورة نوال تتكلم عن مقارنة بين علم الهندسة في مصر القديمة، مع علم الهندسة في اليونان ، و قالت أنه لا يمكن أن تقارن بين الإثنين لأن هناك فرق زمني بين الحضارتين حوالي ۱۰۰۰ سنة، وهو نفس ما ينطبق على التشريعات ."

لذلك أتعجب بالفعل ممن يقوموا بالمقارنة بين تشريعات جاءت قبل الميلاد ، مع تشريعاتنا الحالية ( أتكلم من جهة التشريعات المدنية، من يقوم بعمل هذه المقارنة، لا يستخدم عقله، ولا تفكيره، ولا يكون أمينا مع نفسه، لأنه يحاول تجريد النصوص والتشريعات من بيئتها المحيطة، وأنا أعتبر في

رأيي أن هذه جريمة فكرية وبحثية.

وإن تم تجريد التشريعات والأحداث من البيئة التاريخية التي حدثت فيها و خلالها، ستصل لنا صورة مشوهة عن التاريخ، صورة قبيحة غير مفهومة لا فائدة منها.

وهذا هو ما يفعله بعض نقاد التاريخ، الذين لا يقوموا بدراسة شخصيات البشر في هذه الفترة ، وهذا الموقع وهذه المجتمعات..

وهذه النقاط يجب وضعها في الإعتبار وفهمها فهم جيد و إسترجاعها عند قراءة كل صفحة في هذا البحث ، و إلا لن يكون لهذا البحث فائدة.

وعلم الاجتماع يؤكد لنا أن تغيير أحوال أي مجتمع لا يتم بتأثير النصوص (التشريعات) مهما كان شأنها من البلاغة و الإعجاز، ولكن بتغيير الظروف المادية ، و ليس معنى ذلك إنكار أي دور للنصوص (التشريعات في عملية التطور الاجتماعي، لأنها يجب أن تأتي متلازمة لتغيير الظروف الاجتماعية، كما أنها تحتاج إلى وقت طويل لتؤتي ثمارها خاصة إذا قصد منها أن تقلع عادات و أنساق إجتماعية ذات جذور غوائر ، وقواعد رواسخ ، و أصول ثوابت في أرض المجتمع، و يزداد الأمر تعقيدا إذا كانت قد إستمرت مئات السنين

أما بخصوص الشريعة الموسوية شريعة العهد القديم الخاصة باليهود فيجب أن نعرف عنها بعض النقاط:
أن قوانين التوراة في العهد القديم و أيضا القوانين التاريخية التي كانت موجودة في الشرق الأدنى القديم لم تكن هي جميع القوانين التي كان يستخدمها ويعيش بها الإسرائيليون في العصور القديمة
ولكنها فقط المجموعة الأساسية (المبدئية)، و لذلك فإن هناك العديد من القوانين التي لم تذكر في العهد القديم ، و لم يكتب عنها بالتفصيل...

تشريعات التوراة لم تتضمن كل أقسام القانون الذي كان يستخدم في المجتمع الإسرائيلي القديم، فهناك أقسام ظهرت في تشريعا ت الشرق الأدنى القديم، ولكنها لم تظهر في التوراة، أو لم يتم تناولها بالتفصيل في التوراة، ومع ذلك فإن العديد من هذه القوانين والأقسام تم الإشارة إليها في التوراة، و من هنا نعلم أن هذه القوانين كانت فعّالة في المجتمع الإسرائيلي و كان يتم العمل بها بالرغم من إنها لم ترد في التوراة، أو تم الإشارة إليها بإختصار

القوانين التي لم يرد عنها تفاصيل و شرح لا ذكرت بإختصار بشكل عام مثل :
قوانين الضمان أمثال : ۱ ، أمثال ۱۱ : ١٥ ، أمثال ۲۰: ١٦، أمثال ۲۷: (۱۳)
قوانين إستئجار العمال (الأجير) (لاويين ۱۹: ۱۳ ، أيوب ۷ (۲)
قوانين مهر الزوجة (خروج ۲۲ : ١٦، صموئيل ۱۸ (۲۵)
قوانين البيع (أشعياء ٢٤: ۲ ، ۲ صموئيل ٢٤ (٢٤)، ويذكر أرميا صك الشراء (أرميا ۳۲ (۱۱) ولكن لم تأت عنه معلومات في التوراه، و لكن هذا القانون قد ورد في مخطوطات البحر الميت ، وفي المشناه ، و في مخطوطة فيلة تحدثنا عنها في باب الطلاق.

هذه الوثائق المكتوب بها شرح لهذه القوانين، تؤكد بأن هذه القوانين كانت تمارس في المجتمع الإسرائيلي، ولكن لم يرد عنها بالتوراة الكثير.
ومن القوانين التي لم ترد أيضا في التوراه، و لكن ظهرت في المشناه اليهودية...
فعلى سبيل المثال المسألة المختصة بحالة وهي إن ماتت العروس المخطوبة للرجل قبل إتمام الزفاف ، فماذا يحدث للمهر الذي دفعه الرجل؟ هذه الحالة وردت في القوانين البابلية ، ولكنها لم ترد في التوراة، و مع ذلك نجدها وردت في المشناه اليهودية حالة أخرى وهى أن يسلب شخص كرامة شخص آخر عن طريق صفعه على وجهه، هذه الحالة مذكورة في القوانين البابلية ، ومذكورة أيضا في المشناه و ظهرت ممارستها في العهد الجديد أيضاً متیه ۳۹ ، لوقا ۶ (۲۹)، و لكن لم يرد عنها اي شيء في التشريعات اليهودية القديمة في التوراة.

نقطة أخرى هامة ، وهي أن الحضارة اليهودية من بعد دخول كنعان حتى السبي، كانت قائمة في الأساس على الزراعة، و لكن مع ذلك لن نجد مجموعة كاملة تكون نظام كامل من قوانين الأراضي الزراعية في التوراة.
وورد بعض القوانين الإضافية في المشناة أيضا عن الأراضي الزراعية، ولكن مجموع هذه القوانين وحده لا يكفي أيضا ، ومن هنا نعلم أن المجتمع اليهودي كان يستخدم بالإضافة لقوانينه، قوانين المجتمعات المحيطة به أيضا.
ونفس الحال في قوانين التجارة و غيرها.

إذن من كل ما سبق نخرج بمفهوم آخر، وهو أن القوانين التي وردت في التوراة لم تكن جميع القوانين العاملة في المجتمع الإسرائيلي القديم، ولكنها كانت بعض القوانين الأساسية فقط.

 وكان هناك قوانين إضافية مشتقة من هذه القوانين أو إضافية عليها موجودة في المشناة، وكانت فعالة أيضا في المجتمع الإسرائيلي، كما أن الإسرائيليين استخدموا قوانين الشعوب المجاورة لهم أيضا.

التشريعات في التوراة

التشريعات والقوانين التي وردت في التوراة ، يمكن حصرها في ثلاثة أنواع :

-۱- تشريعات أخلاقية Moral Laws

تشريعات طقسية Ceremonial Laws

تشريعات مدنية Civil Laws

الطقوس التي أعطاها الله لموسى ليسلمها للشعب ، كانت كلها تتمحور حول نقطة واحدة وهي رمزها للمسيا المخلص .

ولذلك بمجيء السيد المسيح فإن الرموز حل محلها المرموز له (المسيا)، راجع (عبرانيين ۱:۱۰)

(۱۸)، و أيضا (كولوسي ٢ (١٦-١٧)

التشريعات الأخلاقية فهي قائمة في كل زمان و كل مكان ومنها لا تسرق ولا تزني ولا تكذب ولا ترتكب جريمة قتل ولا تشتهي ما لقريبك و أكرم أباك وأمك. هذه التشريعات مستمرة لأنها لا ترتبط بزمان، بل هي قائمة في كل المجتمعات، وهي تتمثل أساساً في الوصايا العشر (خروج ۲۰ (۱۷۱) (لكن حل يوم الاحد محل يوم السبت ، لأنه يوم قيامة المسيح)، و ظهرت في أماكن أخرى في الكتاب المقدس بشكل متناثر خارج الوصايا العشر.

وهذه القوانين هي التي تكشف عن شخصية الله، وهي عاملة إلى الأبد
التشريعات المدنية التي تضم التشريعات والقوانين المذكورة في بحثنا هذا فهي لها وضع آخر... إن أي تشريع مدنى أحوال شخصية العقوبات على الجرائم وغيرها يظهر المعالجة موقف ما يحدث وسط جماعة معينة في مكان معين و زمان معين، أي أن التشريع المدني و القوانين المدنية و الجنائية يكون لها اعتماد على الموقع الجغرافي، و على المجتمع ، وتعتمد على الزمن الذي وضعت فيه، وعلى شخصية الأفراد و مدى وعيهم و إدراكهم... لذلك فإن التشريعات المدنية لا يمكن أن تكون مستمرة، بل هي تتطور و تتغير بتغير و تطور أصحابها، و هذا هو الوضع الطبيعي ، و أي وضع غير ذلك فسيصبح وضع عاجز، لأنه لو كانت التشريعات المدنية قائمة في كل زمان و مكان ، فكيف يمكن تطبيقها الآن ؟

فيجب عليه تذكر أن التشريعات المدنية القانونية غير ثابته إلى الأبد ، بل الطبيعي و المنطقي إنها تتطور وتتغير بتطور المجتمع و مفاهيمة وحالته الإقتصادية والفكرية و الاجتماعية ... إلخ ويجب أن تظل هذه النقطة في عقولنا عندما نقرأ تشريعات العهد القديم المدنية ، التي كان يعتبرها اليهود تشريعات كاملة لعصرهم، فإن كمالها يعتمد على وقتها ، فهي كانت كاملة في زمنها ، ولكنها يجب أن يتم تطويرها لكي تكون فعالة للمجتمعات كلما تصورت هذه المجتمعات أيضاً.
لا يمكن لأي إنسان أن يدعى بأن هناك شريعة ما سياسية ، صالحة لجميع المجتمعات و جميع الأزمنة والأمكنة، وهذا هو المأزق الذي يقع فيه أتباء بعض الديانات

والآن سنعطي الأدلة على أن الشريعة الموسوية (القانون اليهودي) كان يتطور من واقع ما جاء في العهد القديم ، ولم يكن أبدي كما يعتقد البعض

أولا :الشريعة الموسوية تغيرت (تطورت أثناء حياة موسى

الفصح في الخروج، نجد أنه كان يأكل فيه كل فرد في بيته (خروج (۱۲)، ولكن في (تثنية (١٦) نجد إنه لم يكن يؤكل في البيوت الفردية، و لكن كان يؤكل في مكان آخر يختاره الرب خارج البيوت.

 وهذا تغيير حدث في فترة قيادة موسى نفسه.

القانون المذكور في (لاويين (۱۷) ، كان يتم تنفيذه حينما كان أكل اللحوم عبارة عن رفاهية، و عندما كان الجميع يعيشون بجوار خيمة الاجتماع ، وكان هذا يحدث أثناء رحلتهم في البرية، ولكن بعد أن استقروا لم يكن هناك جدوى من هذا التشريع الذي يجعل كل م نيريد أن يذبح بأن يذبح في خيمة الاجتماع لأن هذا التشريع كان سيعوق من كانوا يسكنون بعيداً عن الهيكل، أو سيضطروا أن يصبحوا نباتيين. ولذلك نجد أن هذا التشريع إختفي في (تثنية ۱٢ : ۲۰-۲۸)، وسمح الله للجميع بأن يذبحوا بعيداً عن الهيكل.. وهذا تغيير آخر في التشريعات أثناء فترة حياة موسى.

. يمكننا أن نشير أيضاً إلى بعض القوانين التي كان يتبعها اليهود، والتي كانت صادرة من الله ، و لم تكن تصلح لهم إلا أثناء فترة تجوالهم في البرية، وعلى سبيل المثال إتباعهم للسحابة في النهار أثناء سيرهم في الصحراء، و مثال آخر هو القوانين التي أعطاها لهم الله بخصوص المن والسلوى. 

كل هذه القوانين لم تكن تصلح إلا أثناء تجوالهم في البرية ، ولكنها إختفت تماما عندما استقروا في كنعان.

في الواقع فإن العهد عند نهاية حياة موسى، كان مختلفاً عن العهد الأول في سيناء كما نقرأ

في (تثنية ۲۹: ۱) هذه هي كلمات العهد الذي أمر الرَّبُّ مُوسَى أن يقطعَهُ مَعَ بَنِي إِسْرَائِيلَ فِي أرض مواب، فضلا عن العهد الذي قطعة معَهُمْ فِي حُوريب."

ثانيا الشريعة الموسوية تغيرت (تطورت) في الفترة التي جاءت بعد موسى

الغاء أوامر إنشاء خيمة الإجتماع عندما تم بناء الهيكل بأبعاد مختلفة عن الخيمة، و إضافة المغنيين تحت فترة حكم الملك داوود، وظهور مدن الملجأ (يشوع (۲۰)

العيد الذي ظهر بعد موسى ، و قد أقامه مردخاي (أستير (۹) و يسمى Purim ، و أيضا عيد التجديد الذي أقامه يهوذا المكابي .

عندما نقرأ العدد (۲) ملوك ۱۷: (۱۳) وأشهدَ الرَّبُّ عَلى إسْرَائِيلَ وَعَلَى يَهُودًا عَنْ يَدِ جَمِيع الأنبياء وكل راء قائلا: «ارْجِعُوا عن طرقكُمُ الرَّديئة واحفظوا وصاياي، فَرَائِضِي، حَسَبٍ كُلِّ الشريعة التي أوصيت بها آبَاءَكُمْ، والتي أرسلتها إليكُمْ عَنْ يَد عَبِيدِي الأَنْبِيَاء» . "

نفهم من هذه الجملة أن الشريعة اليهودية لم تكن هي فقط الشريعة التي وردت من موسى ، بل هي أيضا التشريعات التي أضيفت إليها بعد موسى ، أو التي حلت محل بعض تشريعات موسى، و من هنا نعلم أن شريعة موسى كانت تتطور وتتغير بما يلائم و يناسب المجتمع تماما، وكان الله يؤكد بشرعية وقانونية هذا.

ثالثا تشريعات تغيرت أو أوقف العمل بها من قبل الرابيين اليهود قبل وبعد ظهور المسيحية قبل و بعد تدمير الهيكل أيضاً)

النذير

القوانين الخاصة بمسألة الطلاق و الزواج اللاوي

القانون الخاص بالقروض الموجود في (تثنية ١٥: ١-٣)

أوقف إختبار الماء المر Sotah (عدده) بواسطة الرابي Johanan Ben Zakkai

وأيضا القانون المذكور في (تثنية (۲۱) بخصوص من قتل بيد مجهول و وجد في الحقل.

إذن التشريعات المدنية Civil Laws كان يتم تطويرها في كل الأوقات حتى تناسب المجتمع، وهذا أقره يهوة بنفسه في العدد الذي سبق و أوردناه (۲) ملوك ۱۷: ۱۳).

فالتشريعات التي سنذكرها في هذا البحث ، قد تطورت و تغيرت وهذا وضع طبيعي، ولا يوجد به أي حرج، تطورت لتلائم تطور المجتمع، ولا يمكن أن نقارن بين شكلها الأولي و بين تشريعاتنا الحالية، لأن هذه المقارنة ستكون مقارنة مفقود بها المنطق !!

نقطة أخرى يجب معرفتها ، أن الشريعة اليهودية لم تكن تفرض أوضاع جديدة على الإسرائيليين ، بل كانت تعالج وضع راهن، بمعنى أنه كان هناك عادات في المجتمع اليهودي كتعدد الزوجات و الطلاق و العبودية وغيرها، و لم تقم الشريعة بتقنين هذه الأشياء ، بل قامت بتقييدها و تقليصها

لحين إختفاءها والتوقف عن ممارستها.

لذلك الشريعة مثلا لم تأمر بالطلاق ، و لم تأمر بتعدد الزوجات، بل كانت هذه العادات موجودة بين الإسرائيليين من قبل ظهور الشريعة، ولكن الشريعة جاءت لمعالجة هذه المواقف.

وبالمناسبة ، الشريعة الموسوية لم تكن هي أول شريعة تحاول إصلاح المجتمع ، و لكن سبقها عدة تشريعات قانونية فقط تحاول إصلاح المجتمعات بحسب الضمير العام ، ونذكر منها بالترتيب ::

القوانين والأسماء 2200 قبل الميلاد

القوانين السومري ۲۲۰۰ - ۱۸۰۰ ق.م

قوانين إيشنونا ۱۹۰۰ ق.م

قوانين ليبيت عشتار ۱۸۰۰ ق.م

شريعة حامورابي التشريع البابلي القديم) ۱۷۰۰ ق.م

مرسوم أميصادوق ١٦٠٠ ق.م

القوانين الأشورية ١٤٠٠ ق.م

قوانين الحيثيين ۱۳۰۰ ق.م

قوانين نوزي 1300 ق.م

شريعة موسى ۱۲۰۰ ق.م

التشريع البابلي الجديد ٦٠٠ ق.م

. القوانين اليهودية الجديدة ٢٠٠-٦٠٠ م

وهذا يجعلنا نفهم أن الشريعة الموسوية في الجزء الخاص منها بالحقوق والقوانين المدنية و الجنائية ، كان مثل جميع التشريعات التي سبقته، ولكن مع بعض التطوير ، و بعض الاختصاص بالمجتمع اليهودي..

ومثلها مثل أي تشريع حالي، فإن القوانين حالياً مازالت تتطور ، وستظل تتطور كلما تطور

المجتمع و كلما ظهرت أوضاع جديدة.

ويجب التعامل مع الجزء المدني من الشريعة الموسوية على هذا الأساس.

ولا أدري لماذا يقول البعض هذه المتلازمة ، يقولون إن أي شريعة يعطيها الله للبشر، يجب أن

تكون شريعة الكمال و تصلح لكل زمان ومكان.

هذه المتلازمة خاطئة في نظري، لإنه كما قلنا الشريعة المدنية تهتم بما يحدث في مجتمع معين، و ليس في كل المجتمعات، فهناك أشياء تحدث في بعض المجتمعات، لا تحدث في غيرها، ولذلك لا يتم الإشارة إليها في قانون المجتمع الذي لا تحدث فيه هذه الأشياء، فهل نعتبره نقص في القانون المدني ؟

بالطبع كلام غير منطقي.

الأهم من ذلك إنه يمكننا أن نرى أمثلة على ذلك من واقع العصر الحالي.

هناك بعض الدول التي منعت حكم الإعدام، وهناك بعض الدول التي تبيح حكم الإعدام، و لذلك فإن هذا مثال بسيط يؤكد على أن التشريعات تختلف باختلاف المجتمع، وبإختلاف المكان الجغرافي و غيره

كما أن تشريع الإعدام في حد ذاته إختلف...

فقد كان هناك الرجم و المقصلة لقطع الرقاب ، وهناك الإعدام بالصليب ، و الإعدام بالخازوق و الشنق و الحرق والإعدام رميا بالرصاص، والكرسي الكهربائي ، و الغاز السام...

كل شيء يتطور ويختلف من مجتمع لآخر، و من مكان لآخر، ولا يوجد أي ثوابت في التشريعات المدنية إطلاقا ، ولا يمكن إطلاقا أن يكون هناك تشريع مدني ثابت لكل زمان و مكان

والتشريعات التي نعتبرها الآن هي تشريعات الكمال بالنسبة للجنس البشري ، ستتغير نظرتنا لها بعد مائة سنة، وسيتعجب الذين بعدنا ، كيف كنا نتقبل هذه الأوضاع !

أتمنى أن تكون قد اتضحت الفكرة المرادة من هذه المقدمة وهي بالتلخيص :

لا يوجد تشريع مدني ثابت و يصلح لكل الأزمنة والأمكنة، بل التشريع المدني يكون كاملا في مكانه و في زمانه و مجتمعه فقط و ليس في كل الأوقات.

كمال التشريع المدني يرتبط بالمتغيرات التي قلناها زمان و مکان و مجتمع و شخصية و إقتصاد.... إلخ)

ولذلك فإن شريعة موسى في الجزء المختص بالقوانين المدنية والجنائية يجب أن تعامل على هذا المنطلق

الشريعة في العهد القديم بحث كتابة الباحث المتميز 

 بقلم أستاذ مراد سلامة 

author-img
موقع الفكر المسيحى

تعليقات

ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق
    google-playkhamsatmostaqltradent